في موسم المولد النبوي الشريف، تنتشر عادة توزيع حلوى المولد كرمز للاحتفال والفرحة، ويحرص الكثيرون على مشاركة هذه البهجة مع الفقراء وأهل الحاجة. إلا أن سؤال حكم توزيع حلوى المولد من أموال الزكاة يثير نقاشاً فقهياً هاماً، يستحق الوقوف عنده وتوضيحه بدقة. في هذا السياق، يبرز رأي شيخ الأزهر، الذي يُعد من أبرز المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، ليقدم لنا إرشاداته الفكرية حول هذا الموضوع، مستندًا إلى ثوابت الشريعة ومقاصدها. هذا المقال يستعرض توضيح شيخ الأزهر لحكم توزيع حلوى المولد للفقراء من أموال الزكاة، مسلطًا الضوء على المعايير الشرعية التي يجب مراعاتها في هذا الفعل الخيري.
حكم توزيع حلوى المولد من الزكاة وفق رؤية شيخ الأزهر
أوضح شيخ الأزهر أن توزيع حلوى المولد النبوي الشريف للفقراء والأيتام من أموال الزكاة يندرج تحت مصارف الزكاة المصرح بها شرعًا، شريطة أن تكون هذه الحلوى جزءًا من الأشياء المفيدة والنافعة للفقراء، وليس مجرد التبذير أو الإسراف. وفي هذا السياق، أكد على أهمية أن يلتزم القائمون على توزيع الزكاة بضوابط شرعية تهدف إلى تحقيق المنفعة الحقيقية للمستحقين، مع عدم الالتفات إلى الاستخدامات الاحتفالية أو الترفيهية للحلوى إلا إذا كانت ضمن رمضان أو المواسم الدينية.
بناءً على ذلك، فإن توزيع الحلوى من الزكاة ينبغي أن يتبع أُسسًا واضحة مثل:
- الضرورة الفعلية: أن تكون الحلوى وسيلة لتوفير قلوب الفقراء وفرحتهم وليس لشراء الحكام أو النفوذ.
- الاعتدال في الكمية والجودة: تقديم ما يكفي دون إسراف يضر بصاحب الزكاة أو المستحق.
- الاستهداف المناسب: توجيه الحلوى إلى الفئات الأكثر حاجة مثل الأيتام والمساكين.
| المعيار | التوضيح |
|---|---|
| المصروف الشرعي | تقديم الحلوى كنوع منفعة واجبة للشخص المحتاج. |
| عدم الإسراف | توزيع الكميات التي لا تتسبب في تبذير أو هدر. |
| نية القائم | النية الصادقة في مساعدة الفقراء ليست الترفيه فقط. |

الفرق بين الصدقة الزكاة وأوجه الإنفاق الشرعي في إحياء المناسبات
الصدقة والـزكاة هما من أهم أوجه الإنفاق في الإسلام، لكنهما مختلفان في الأحكام والأغراض. فالزكاة هي فريضة شرعية محددة في النصوص الشرعية وتُعطى لمصارفها الثمانية المحددة في القرآن الكريم. بينما الصدقة تشمل ما يُنفق من مال أو طعام أو غيره بقصد التقرب إلى الله ولا تقتصر على فئات معينة، ويمكن تَقديّمها في أي وقت لأغراض مختلفة، منها إحياء المناسبات أو الدعم الخيري المؤقت.
أوجه الإنفاق الشرعي تشمل أكثر من مجرد إخراج الزكاة أو الصدقة، وتتضح من خلال الجدول التالي الذي يوضح توضيحاً مبسطاً للفروق وأمثلة على كل منها:
| نوع الإنفاق | التعريف | الأمثلة الشرعية |
|---|---|---|
| الزكاة | واجب مالي محدد بمقدار معين وزمان معين | المال، النخل، المواشي |
| الصدقة | إنفاق تطوعي طيب لمساعدة الآخرين دون قيد محدد | توزيع الطعام، شراء ملابس للفقراء |
| إنفاق إحياء المناسبات | مصاريف تستخدم لإظهار الفرحة بالمناسبات الدينية والاجتماعية | توزيع الحلوى في المولد النبوي، إقامة احتفال خيري |
بناءً على توضيحات شيخ الأزهر، فإن توزيع حلوى المولد على الفقراء لا يندرج تحت حكم الزكاة لأنه لا يمثل من مصارفها المحددة شرعاً، بل يمكن اعتباره صدقة جارية أو إنفاقاً من أوجه الإحسان التي يُثاب عليها المسلم. لذلك يُستحب أن يُخصص للزكاة ما نص عليه الشرع من الفقراء والمستحقين، بينما يمكن تخصيص الصدقات وأوجه الإنفاق الأخرى لإحياء المناسبات وفرح القلوب.

آثار توزيع حلوى المولد على الفقراء وأهمية التوازن في الإنفاق
يُعَدُّ توزيع حلوى المولد على الفقراء عملًا يعود بالنفع المباشر على المحتاجين، حيث يُدخل السرور على نفوسهم ويعزز من الشعور بالكرم والتكافل الاجتماعي في المجتمعات المسلمة. هذا الفعل يعكس روح العطاء التي حث عليها الإسلام، ويساعد في رسم صورة إيجابية عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بما يتناسب مع قيم الرحمة والمودة. لكن من الضروري التأكد من أن هذا التوزيع لا يؤثر سلبًا على حقوق الزكاة الأساسية.
إن التوازن في الإنفاق يلعب دورًا حاسمًا للحفاظ على مقاصد الشريعة، حيث يجب أن يُخصص جزء جوهري من الزكاة للفقراء بشكل مباشر لضمان سد احتياجاتهم الأساسية كالغذاء والملبس والمسكن. يمكن استعراض هذا التوازن من خلال الجدول التالي:
| نوع الإنفاق | الأهمية | النسبة المقترحة |
|---|---|---|
| الزكاة للفقراء | تلبية الاحتياجات الأساسية | 70% |
| توزيع حلوى المولد | تعزيز الروح الاجتماعية والفرح | 30% |
إذًا، يُفضل أن يُنظر إلى توزيع الحلوى كجزء من الصدقات المستحبة التي تزيد من الألفة بين الناس، مع الحرص على عدم استهلاك مبلغ الزكاة بالكامل في هذا الغرض لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة واستمرار الفرح والابتهاج في المجتمع من جهة أخرى.

توصيات شيخ الأزهر لممارسات خيرية مستدامة في الأعياد والمناسبات
أكد شيخ الأزهر على أهمية استثمار الأوقات المباركة مثل الأعياد والمناسبات في دعم المحتاجين بطرق مستدامة تحافظ على كرامتهم وتعزز من أثر الأعمال الخيرية بعيداً عن العطاء العشوائي. كما أوضح أن توزيع حلوى المولد من الزكاة لابد أن يخضع لضوابط شرعية تضمن أن تكون هذه المظاهر التعبدية وسيلة فعلية للإحسان وليس مجرد طقس شكلي، مع ضرورة توجيه الدعم لفئات تستحقها بجدارة. وهذا يترتب عليه اختيار طرق توزيع تراعي قيمة المستفيد وتحفز على التكاتف الاجتماعي بعيداً عن الهدر أو الترف.
- اختيار المحتاجين الحقيقيين: والأولوية تكون للأكثر حاجة والأكثر تأثيراً على حياتهم.
- تنويع أشكال العطاء: لا تقف على تقديم الحلويات فقط بل تشمل الغذاء، والتعليم، والصحة.
- تكامل جهود المؤسسات الخيرية: لتكون الأعمال منظمة ومستدامة ولا تقتصر على المناسبات.
كما نصح الشيخ بأن تُصاحب هذه الممارسات تقارير متابعة دورية تقيّم مدى تأثيرها في تحسين أوضاع الفقراء والمحتاجين، مع الحرص على نشر الوعي بأهمية الزكاة كمبدأ ديني رحيم. وذلك يتطلب تضافر جهود الخيرين والداعمين لتطوير برامج تمتد على مدار العام، وليس فقط لحظات الاحتفال، مما يخلق شبكة أمان اجتماعية متينة ومتطورة. بهذه الأفكار، يؤكد شيخ الأزهر رسالة الإسلام في الرحمة والعدل والتكافل الاجتماعي.
Future Outlook
في الختام، يبقى توضيح شيخ الأزهر حول حكم توزيع حلوى المولد للفقراء من الزكاة من الأمور التي تضيء لنا الطريق في فهم مقاصد الشريعة الإسلامية بدقة ووضوح. فالتزامنا بتوجيهات الدين في كيفية إنفاق الزكاة يعزز روح التكافل الاجتماعي ويحقق العدالة بين أفراد المجتمع. وبينما تبقى حلاوة المولد رمزًا للفرح والاحتفال، فإن استخدامها كوسيلة لإدخال السرور على الفقراء يعد تعبيرًا نبيلاً عن روح العطاء الحقيقية. وعلينا جميعًا أن نستفيد من هذه الفتاوى النيرة لترسيخ قيم الخير والمحبة في قلوبنا ومجتمعاتنا.

