في رحاب العبادة وأركان الصلاة، تتعدد التساؤلات حول تفاصيل أداء المسلم لصلاته، من حركات وأفعال، قد يجهل البعض حكمها الشرعي. من بين هذه الحركات التي أثارت الفضول واستدعت التوضيح، الإشارة بإصبع السبابة اليُمنى وتحريكه أثناء الصلاة. في هذا المقال، نسلط الضوء على فتوى دار الإفتاء التي توضح حكم هذه الإشارة، لنرسم صورة دقيقة بين ما يجوز وما ينبغي تجنبه، حفاظًا على خشوع الصلاة وصحتها.
حكم الإشارة بإصبع السبابة في الصلاة من منظور الفقه الإسلامي
في الفقه الإسلامي، تُعتبر الإشارة بإصبع السبابة في الصلاة واحدة من الوسائل التعبيرية التي قد يستخدمها المصلي لأغراض متعددة، مثل التوحيد والتشهد. وقد أجمعت معظم المذاهب الفقهية على جواز رفع السبابة في موضع التشهد إشارة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، مستدلين بأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تظهر استحباب هذا الفعل. ومع ذلك، هناك اختلاف في حكم تحريك السبابة أثناء الإشارة؛ فالبعض يرى أن تحريكها يكون سنة، بينما ينصح آخرون بعدم المبالغة في ذلك حتى لا يُشتت الخشوع أو يُشوش على الصلاة.
يمكن تلخيص الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الإشارة كالتالي:
- رفع السبابة في التشهد من السنن مؤكدة لما ورد في الحديث الشريف.
- تحريك السبابة بطريقة خفيفة يُستحب لزيادة الانتباه والتركيز.
- التجنب من الإفراط في حركة الإصبع حتى لا يؤثر على خشوع المصلي.
- لا يُعد رفع أو تحريك السبابة من أركان الصلاة، لكنه من الأمور المستحبة.

تأثير حركة السبابة على خشوع المصلي وقبول الصلاة
إن حركة السبابة في الصلاة، خاصةً إذا كانت متكررة أو ملفتة للنظر، قد تؤثر بشكل سلبي على تركيز المصلي وخشوعه. فخشوع الصلاة لا يتحقق فقط بأداء الأركان والشروط، بل يحتاج أيضاً إلى حضور القلب وصفاء الذهن، والحركات الزائدة تُشتت الانتباه وتقلل من حضور القلب. التحذير الشرعي من تصرفات قد تنقل الصلاة إلى حكم السهو أو تزيد من احتمالية الإخلال بأسس الخشوع يجعل من الأفضل تجنب تحريك السبابة أو الإشارة بها دون ضرورة شرعية واضحة.
وفقاً للفتوى، هناك بعض الحالات التي يجوز فيها رفع السبابة أو تحريكها، مثل التأكيد عند التوحيد في الشهادتين أو أثناء التشهد، ولكن يجب الإبقاء على الطمأنينة والهدوء. الحركات المفرطة ليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي قد تؤثر على قبول الصلاة:
- تشتت الذهن وتقليل الخشوع.
- رفع الأنظار مما يفسد مودتها مع الله.
- زيادة القلق والخوف من عدم صحة الصلاة.
لذا يُنصح المصلي بالتمسك بالأدب والسكينة والتقيد بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من آداب وسبل تحقيق الخشوع والسكينة في الصلاة.

آراء العلماء والمفتين في مسألة تحريك السبابة أثناء الصلاة
اختلفت آراء العلماء والمفتين بشأن تحريك السبابة أثناء الصلاة، حيث يرى فريق منهم أن ذلك إشارة مأخوذة من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ ورد في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي كان يرفع السبابة في بعض الأوقات خلال التشهد، وهذا يدل على تعزيز التوحيد والنية داخل الصلاة. ومن هذا المنطلق، يرى هؤلاء العلماء أن تحريك السبابة من قبيل المباحات الشرعية التي لا تفسد الصلاة، بل تزيدها خشوعًا وتركيزًا، خاصة إذا كان يتم بهدوء ودون تشويش المصلين الآخرين.
في المقابل، ينبه فريق آخر إلى أن تحريك السبابة قد يكون من الأمور المستحدثة التي لم يرد نص صريح يجيزها بشكل خاص، وينصحون بالاعتدال والالتزام بما ثبت عن النبي وأصحابه من سكون وثبات في جميع أركان الصلاة، حرصًا على سلامة الصلاة وعدم إدخال بدع قد تشتت المصلين. يمكن توضيح هذا الخلاف بشكل موجز في الجدول التالي، مما يسهّل فهم اختلاف المواقف:
| موقف العلماء | التوضيح |
|---|---|
| جواز تحريك السبابة | مستند على سنة النبي التي تدل على تعزيز التوحيد، مع ضرورة عدم الإخلال بخشوع الصلاة. |
| منع تحريك السبابة | يُعتبر من البدع التي لم يرد نص صريح عليها، والاختيار للثبات والسكون لضمان استمرارية شروط الصلاة. |

نصائح لتحسين الخشوع والتركيز دون الإضرار بأركان الصلاة
للحفاظ على خشوع الصلاة وتركيز القلب دون المساس بأركانها، يُنصح بالابتعاد عن الحركات غير الضرورية مثل الإشارة بإصبع السبابة وتحريكه أثناء الصلاة. هذه الحركات قد تشغل الذهن وتشتت الانتباه، مما يؤثر سلبًا على حضور القلب والخشوع. بدلاً من ذلك، يمكن للمصلي أن يعزز تركيزه من خلال ضبط التنفس وتمرين الذهن على الاستحضار الكامل لمعاني الأذكار والآيات التي يتلوها.
تساعد أيضًا بعض الخطوات العملية والروحية في رفع مستوى الإخلاص والسكينة في الصلاة:
- تهيئة المكان والنية الصادقة: اختيار مكان هادئ وذكر النية قبل بدء الصلاة.
- قراءة الفاتحة بتمعن: التأني في تلاوة الفاتحة ومحاولة الفهم الداخلي لمعانيها.
- التدبر في أذكار الركوع والسجود: إدخال القلب في حركات الجسد في الصلاة لرفع الخشوع.
- الاستمرارية والمداومة: الصلاة بخشوع لا يتحقق إلا بالممارسة المستمرة ومراقبة النفس.
| العامل | الأثر على الخشوع |
|---|---|
| تحريك اصبع السبابة | تشتت الذهن وتقليل التركيز |
| التركيز في المعاني | زيادة الخشوع وحضور القلب |
| تهيئة المكان والنية | تهيئة جو روحي مناسب للصلاة |
Closing Remarks
في ختام رحلتنا مع حكم الإشارة بإصبع السبابة اليُمنى وتحريكها في الصلاة، نؤكد أن الفقه الإسلامي حريص على أن تكون الصلاة خاشعة ومتزنة، خالية من أي أفعال قد تشتت التركيز أو تبدل من خشوع القلوب. ومن خلال توضيحات الإفتاء، يتبين أن الالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو السبيل الأمثل لضمان صحة الصلاة وزيادة قُربنا إلى الله سبحانه وتعالى. فلنجعل من صلواتنا ملاذاً للسكينة والطمأنينة، ونحرص على أداءها بما يُرضي خالقنا، بعيداً عن كل فعل قد يُلهينا أو يُخالف سنته العطرة. والله أعلى وأعلم.

