في عالم الصلاة وروحانيتها العميقة، يبرز سؤال مهم بين المؤمنين حول كيفية أداء قراءة القرآن الكريم أثناء الصلاة، خصوصًا فيما يتعلق بقراءة المصحف. هل يجوز قراءة القرآن مباشرة من المصحف داخل الصلاة؟ أم هناك ضوابط معينة يجب الالتزام بها؟ في هذا المقال، نغوص في هذا الموضوع بحيادية ونستعرض فتوى أمين الفتوى التي توضح الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الأمر، لنكشف لك الحقيقة بأسلوب مبسّط وواضح.
حكم قراءة القرآن من المصحف أثناء الصلاة بين الفقهاء
اتفق معظم الفقهاء على أن قراءة القرآن من المصحف أثناء الصلاة جائز، خاصةً في حال وجود عذر كضعف الحفظ أو الحاجة إلى التركيز على الآيات. وتُعتبر هذه القراءة نوعًا من التيسير للمصلي، بحيث فإن الهدف الأساسي هو تحقيق الخشوع والتركيز في الصلاة، وإن لم يكن الحفظ تامًا. أما بالنسبة لأهل الحنابلة وبعض المالكية فقد أشاروا إلى وجوب الحفظ وعدم التعلق بالمصحف أثناء الصلاة، معتبرين أن القراءة منه “مكروهة” وغير مستحبة إلا في حالات الضرورة.
يبرز في الفقه الإسلامي عدة آراء متنوعة، نعرضها في الجدول التالي لتسهيل الفهم:
| المدرسة الفقهية | الرأي في قراءة المصحف | الظروف المسموح بها |
|---|---|---|
| الحنفية | جائز | عند ضعف الحفظ أو الحاجة |
| المالكية | مكروه في العموم | سوى الضرورة القصوى |
| الشافعية | جائز | للقراءة والترتيل |
| الحنابلة | غير مستحب | في حالات خاصة فقط |
- أهمية نية الخشوع: فإن القارئ يجب أن يحرص على التركيز والدخول إلى الصلاة بخشوع، سواءً قرأ من المصحف أو من الحفظ.
- الحذر من الانشغال: استخدام المصحف يجب أن لا يسبب تشتت الانتباه أو تعطيل مجريات الصلاة.

تفصيل حالات جواز استخدام المصحف في الصلاة وآدابها
في الصلاة، يجوز قراءة القرآن من المصحف إذا تعذر الحفظ، وهو الأمر الذي رحب به جمهور العلماء استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف: “اقرؤوا القرآن من المصاحف ما تيسّر منْه.” مع ذلك، ينبغي مراعاة آداب استخدام المصحف داخل المسجد أو في مكان الصلاة، حيث يجب أن يكون المصحف طاهرًا، ومحفوظًا من الريبة، وأن لا يشتت تركيز المصلي عن خشوعه.
من أهم قواعد استخدام المصحف أثناء الصلاة:
- تجنب تحريك المصحف كثيراً لتفادي الإضاعة أو التشويش.
- قراءة آيات متقطعة لا تؤثر على تدفق خشوع الصلاة.
- الحفاظ على سلامة المصحف وعدم وضعه في مكان غير لائق.
كما يُستحب أن يكون المصحف في حالة جيدة مع الالتزام بآدابه، مما يعكس حب المسلم لكتاب الله واحترامه له مهما كانت الظروف.

تأثير الاعتماد على المصحف في تحسين خشوع المصلي وتركيزه
الاعتماد على المصحف أثناء الصلاة قد يسهم في تحسين خشوع المصلي وتركيزه بشكل ملحوظ، حيث يوفر قراءة النص بشكل مباشر وواضح تفاعلاً أكثر عمقاً مع آيات الله. فوجود المصحف بين يدي المصلي يساعد على:
- التدبر الفعلي لمعاني الكلمات والتفكر في كل آية يتلوها، ما يعزز حضور القلب خلال الصلاة.
- الابتعاد عن نسيان الكلمات أو الوقوع في الخطأ، مما يساهم في زيادة الاطمئنان والسكينة أثناء الخشوع.
- زيادة ثقة النفس أثناء أداء الصلاة، خاصة لمن يعاني من ضعف في الحفظ أو القلق أثناء التلاوة.
ولكن يجدر التنويه إلى أن الاعتماد التام على المصحف قد يشكل تحدياً في بعض الحالات، مثل اضطراب وضع اليدين أو تشتيت النظر، مما قد يؤثر سلباً على الانتباه الكامل للصلاة. ولهذا يُفضل:
- التوازن بين الحفظ والاستخدام الذكي للمصحف، بحيث يكون الوسيلة دعم وليس الاعتماد الكامل.
- ممارسة التركيز الذهني أثناء القراءة من المصحف، والعمل على تقليل الانشغال بالحركات الجسدية غير اللزمة.
- اختيار مكان مناسب لإبقاء المصحف، يسهل رؤيته دون الوقوع في تشتيت البصر أو اضطراب الأداء.

نصائح أمين الفتوى للمصلين حول الاستعانة بالمصحف أثناء الصلاة
يحرص الكثير من المصلين على التمسك بكامل آداب الصلاة، لذا يتساءلون عن جواز الاستعانة بـالمصحف خلال الصلاة، خاصة في حال عدم حفظ السور الطويلة أو لحفظ الخشوع والتركيز. من المهم أن نعلم أن قراءة القرآن من المصحف أثناء الصلاة غير مستحب ولا يعتبر من السنة، إذ الأفضل هو القراءة من الذاكرة لما يحويه ذلك من ثواب وتعويد للنفس على حفظ كتاب الله.
في حالة اضطرار المصلي لاستخدام المصحف بسبب الظروف الخاصة كعدم الحفظ الكامل، يُنصح بأن يكون ذلك بحذر وعدم التوقف لفترات طويلة، مع مراعاة ألا يؤثر ذلك على خشوع الصلاة وتركيزها.
- التركيز في الصلاة: اجعل حفظك هو السبيل الأول لقراءة القرآن أثناء الصلاة.
- الحفاظ على خشوع الصلاة: إذا استخدمت المصحف، فلا تدع النظر إليه يشتت انتباهك.
- الاستعانة بالآيات القصيرة: تدرب على حفظ السور القصيرة للسهولة والاستمرارية.
- التحضير قبل الصلاة: مراجعة السور قبل الصلاة تعزز من مستوى الحفظ والخشوع.
Concluding Remarks
في الختام، يبقى فهم الأحكام الشرعية المتعلقة بقراءة القرآن من المصحف في الصلاة من الأمور التي تستدعي الالتزام بالدليل الشرعي والرأي المعتبر لدى العلماء. وما بين الإباحة والتحذير، يحرص المؤمن على أداء الصلاة بخشوع وتركيز، مستفيدًا من التوجيهات الفقهية التي تقدم له صورة واضحة تساعده على تقوية علاقته بخالقه. وبمتابعة الفتاوى الموثوقة والتفقه في دينه، يصبح المسلم أكثر يقينًا ويسرًا في عبادته، محافظًا على روحانية الصلاة وجلالها.

