في كل صلاة، تتنوع الأعمال والأذكار التي يقوم بها المسلم تعبيراً عن خشوعه وارتباطه بربه، ومن بين هذه الأذكار التي يُكثر من قولها بعض المصلين في نهاية القراءة أثناء الصلاة: عبارة “صدق الله العظيم”. لكن هل جاء هذا القول مستحباً أم مكروهاً في السنة؟ وهل له أصلٌ شرعي يدعم قوله في هذا الموضع؟ في هذا المقال، نستعرض رأي دار الإفتاء المصرية حول حكم قول “صدق الله العظيم” بعد الانتهاء من القراءة في الصلاة، لنقف على الأدلة والنصوص التي تبين موقف الشريعة من هذا السلوك، مع توضيح الفهم الصحيح الذي يحقّق الخشوع ويُثري تجربة الصلاة.
حكم قول صدق الله العظيم بعد القراءة في الصلاة من منظور الشريعة
في الشرع الإسلامي، لا مانع من قول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة السورة أو الآيات في الصلاة، بل هو سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، لما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. حيث يسن للمصلي أن يختم القراءة بذكر هذا التعبير تأكيدًا على صدق كلام الله وتعظيمًا لكتابه العزيز. ومع ذلك، يجب أن يُقال بصوت منخفض لا يعلو على التكبيرات، حتى لا يُشغل المصلي أو يشتت تركيز الجماعة.
تُقسم آراء العلماء حول حكم قول “صدق الله العظيم” في الصلاة إلى نقاط رئيسية تقدم توضيحاً لضوابط هذه السنة:
- المالكية والشافعية: يرونها سنة مؤكدة وأنها من آداب القراءة.
- الحنابلة: يؤكدون جواز القول بها لكن بغير رفع صوت.
- الحنفية: يجعلونها مستحسنة وليست بواجب.
ولهذا، يُنصح بالاهتمام بهذه السنة لزيادة الخشوع والوقار في الصلاة، مع مراعاة الخشوع وعدم التعجل أثناء الصلاة، والتأكد من أن يقول المصلي هذه العبارة بخشوع ورفع الحسنات أمام الله.

تفسير العلماء لفعليّة قول صدق الله العظيم في الصلاة وآثاره الروحية
يُعد قول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة القرآن في الصلاة من السنن المؤكدة التي أجمعت عليها كثير من مذاهب العلماء. تفيد هذه العبارة في تأكيد صدق كلام الله وإشعار القلب بجلالته وعظمته، مما يؤدي إلى رفع خشوع المصلي وترسيخ الوعي الروحي خلال الصلاة. يوضح العلماء أن هذه العبارة تُعد تبيانًا لطاعة الله واعترافًا بعظمته، وتُسهم في تعزيز ارتباط العبد بخالقه أثناء تأدية الركن الأساسي من أركان الإسلام.
من الناحية الروحية، يؤثر قول “صدق الله العظيم” على نفسية المصلي بطرق إيجابية، حيث:
- يطهر القلب من الغفلة ويزيد من وضوح الإيمان.
- يثبت الذهن ويقوي التركيز في الصلاة.
- يعمل كجسر بين التلاوة والتدبر.
وقد أشار بعض الفقهاء إلى أن التأمل في معنى هذه العبارة يعمق التأثير الإيماني ويزيد من حضور القلب، مما يعزز من ثبات العبد في صلاته ويجعلها أكثر قبولاً وقرباً إلى الله.

الفرق بين قول صدق الله العظيم داخل الصلاة وخارجها
قول “صدق الله العظيم” داخل الصلاة يُعتبر من الأمور التي اختلف فيها العلماء، إذ يرى بعضهم أنه جائز ومستحب عند الانتهاء من القراءة في الصلاة كنوع من التسبيح وتأكيد صدق كلام الله تعالى. بينما يرى آخرون أنه غير مشروع داخل الصلاة لأنه ليس من الأذكار التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضع تحديدًا، ويحذفونه لعدم الدليل الصحيح على ذلك.
- إثبات السنة: البعض يستند إلى أحاديث تؤكد أن النبي كان يقول بعد القراءة “صدق الله العظيم”.
- التوجيه الشرعي: عدم الإضافة إلا بما ورد في السُنن النبوية لتجنب الابتداع.
أما قول “صدق الله العظيم” خارج الصلاة فهو مستحب وجائز للغاية، ويُقال عند الانتهاء من قراءة آيات من القرآن في أي وقت خارج الصلاة كنوع من التعبير عن الإيمان والتصديق بكلام الله. وفي هذا الموضع، لا خلاف بين العلماء، ويُعتبر تقوية للعلاقة الروحية مع النص القرآني.
وهكذا يتضح أن الحكم الشرعي يتغير حسب السياق؛ داخل الصلاة يعتمد على ما ثبت من السنة، أما خارج الصلاة فهو أمر محمود يعبر عن التصديق والاستشعار بعظمة كلام الله.
| الموقع | الحكم الفقهي | الأدلة |
|---|---|---|
| داخل الصلاة | مختلف فيه: جائز أو مكروه ابتداءً | أحاديث متفرقة وآراء العلماء |
| خارج الصلاة | مستحب وجائز إلى حد كبير | قول مأثور عن التحبيذ للصدق |

توجيهات الإفتاء حول كيفية التعامل مع قول صدق الله العظيم أثناء الصلاة
أكدت دار الإفتاء أن قول «صدق الله العظيم» بعد الانتهاء من القراءة في الصلاة ليس من السنة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في كثير من الأحاديث، لكنه من العادات التي اعتادها بعض الناس، ولا حرج عليها إذا لم تؤثر على خشوع المصلي أو انسيابية الصلاة. وأضافت الإفتاء أن التركيز يجب أن يكون على التزام أركان الصلاة وسننها المتفق عليها، أما الإضافات فالأفضل الاحتياط والالتزام بما ورد بطريق صحيح.
فيما يلي نقاط توضح كيفية التعامل مع قول «صدق الله العظيم» في الصلاة:
- عدم الإتيان به إذا تعجل المصلي في الركوع أو السجود.
- التركيز في القراءة وتدبرها أثناء الصلاة بدلاً من الإكثار من الأذكار بعد الانتهاء.
- عدم التسبب في الإطالة التي تُفقد خشوع الصلاة وانتظامها.
- جعل الأولوية للسنن المؤكدة و التسليم على الإمام أو عند الانتهاء من الصلاة.
Closing Remarks
في الختام، يُعد قول “صدق الله العظيم” بعد الانتهاء من القراءة في الصلاة من الأمور التي أثارت تساؤلات كثيرة بين المسلمين، وقد أوضحت دار الإفتاء موقف الشريعة منه ببيان دلالته وآدابه. إن فهم الحكم الشرعي لهذا القول يساعد المصلي على أداء عبادته بخشوع واطمئنان، مع الحرص على التزام السنن النبوية وأقوال العلماء في ذلك. لذا، فإن الرجوع إلى المصادر الموثوقة والفتاوى المعتمدة يبقى السبيل الأمثل لمعرفة الأحكام الفقهية الصحيحة، مما يعزز من صحة الصلاة وقبولها إن شاء الله.

