في ظل تغير الأوضاع المالية والزمنية التي يعيشها العديد من الأسر، تبرز تساؤلات حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالتزامات الورثة تجاه ديون أو أقساط مستمرة على ممتلكات تركها المورث بعد وفاته. من بين هذه التساؤلات المهمة، يتساءل الكثيرون عن حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة يتم تقسيطه، وهل يعد ذلك واجبًا شرعيًا أم لا. في هذا الصدد، يقدم المفتي الكريم توضيحًا مستفيضًا يستند إلى المبادئ الفقهية والشرعية، ليجيب عن هذه الإشكالية التي تشغل بال كثير من الأسر وينظم حقوقهم وواجباتهم بعد وفاة صاحب العقار.
حكم الشرع في استكمال دفع الأقساط بعد وفاة صاحب الشقة
في ضوء الشريعة الإسلامية، فإن استكمال دفع الأقساط المتعلقة بعقار أو شقة بعد وفاة صاحبها يُعد من الحقوق التي تدخل ضمن التركة، ويُعتبر من الالتزامات المالية التي ترثها الورثة. إذ لا يُباح وراثياً التخلي عن تسديد الأقساط المستحقة ما لم يتفق الورثة على خلاف ذلك أو تبين عدم قدرتهم على الوفاء بها. وهذا الالتزام ينبع من الأصل الفقهي الذي يُلزم بتصفية ديون المتوفى قبل توزيع الميراث.
من النقاط الأساسية التي أشار إليها الفقهاء والمفتون في هذا السياق:
- الأقساط التي لم تُسدد قبل الوفاة تُعتبر من ديون التركة الواجب أداؤها.
- يجب على الورثة النظر في وضعهم المالي لتحديد إمكانية استكمال الدفع.
- إذا كانت التركة تغطي القيمة المالية للأقساط، فلا يجوز التصرف في التركة دون سدادها.
- وفي حال تعذر الدفع، قد يتعين على الورثة التصرف في العقار لحل الالتزامات المالية.
| الحالة | الإجراء الشرعي |
|---|---|
| تغطية التركة للأقساط | استكمال الدفع قبل توزيع الميراث |
| عدم كفاية التركة | التراضي بين الورثة أو التصرف بالعقار |

الآثار القانونية لاستمرار الورثة في سداد الأقساط البنكية
يترتب على استمرار الورثة في سداد الأقساط البنكية المتعلقة بشقة مملوكة للمتوفى عدة آثار قانونية مهمة، منها الحفاظ على حق الملكية الشرعي للميراث. إذ أن أي تقصير في السداد قد يؤدي إلى تعرض العقار إلى إجراءات حجز أو بيع من قبل البنك، مما يضر بحقوق الورثة كافة. لذلك، يعتبر دفع الأقساط المنتظمة من قبل الورثة بمثابة التزام قانوني يضمن انتقال الملكية لهم بشكل قانوني وسليم، ويحفظ لهم حق التصرف في العقار بعد وفاة صاحب الشقة.
من جهة أخرى، يلتزم الورثة بالمساهمة في تسديد الديون المتعلقة بالعقار بما يتناسب مع نصيب كل منهم في الميراث، وفق الأحكام الشرعية والقانونية. ويمكن توضيح ذلك في الجدول التالي:
| نسبة الميراث | الالتزام بالسداد | المسؤولية القانونية |
|---|---|---|
| 25% | 25% من قيمة القسط الشهري | مشاركة في الدين حسب النسبة |
| 50% | 50% من قيمة القسط الشهري | مسؤولية متناسبة مع الحصة |
| 100% | سداده كامل | ملكية كاملة من دون منازعات |
- عدم استمرار السداد: قد يؤدي إلى فقدان العقار وحرمان الورثة من الميراث.
- الاستمرار في الدفع: يثبت مسؤولية الورثة ويضمن استمرارية حق الملكية.
- التوزيع العادل: يجب أن يكون السداد وفق نسب الميراث المحددة شرعاً وقانوناً.

كيفية تقسيم التزامات الثمن بين الورثة وفق النظام القضائي
عند وفاة أحد أصحاب العقود المتعلقة بشراء عقار، مثل شقة بالتقسيط، تنتقل حقوقه وواجباته إلى الورثة وفقاً للقانون. وبموجب النظام القضائي، يتحمل الورثة مسؤولية الالتزام بدفع الأقساط المتبقية على العقار بالتساوي، إلا إذا نص الشرع أو القانون على توزيع مختلف بناءً على حصص الإرث. هذا التقسيم يراعى فيه:
- حصة كل وارث في تركية المتوفى
- نوع وطبيعة الالتزام المالي المترتب على العقار
- هل تم الاتفاق بين الورثة على طريقة سداد مغايرة
تضمن الفتاوى القضائية أن استمرار الورثة في الوفاء بأقساط الثمن هو واجب لضمان حقوق البائع وعدم المساس بسجل العقار. ولهذا، يتم تحديد نصيب كل وارث بدقة بحيث يكون مسؤولاً عن جزء من الدفعات حسب حصته، مع إمكانية توزيع الالتزامات وفقاً لاتفاق قانوني او شرعي بين الورثة. وتوضح الجدول التالي مثالاً عملياً لكيفية تقسيم الالتزامات على أربعة ورثة:
| الوريث | نسبة الارث | المبلغ الشهري (جنيه) |
|---|---|---|
| الوريث الأول | 30% | 300 |
| الوريث الثاني | 25% | 250 |
| الوريث الثالث | 25% | 250 |
| الوريث الرابع | 20% | 200 |

نصائح عملية للورثة لتجنب النزاعات وتحقيق الحقوق المشتركة
لضمان حقوق جميع الورثة وعدم الوقوع في نزاعات قد تطول، من الضروري تطبيق مجموعة من الممارسات الحكيمة عند تقسيم التركة. التواصل المفتوح بين الورثة هو الركيزة الأساسية التي تساعد في توضيح الأمور المالية والعقارية، خاصةً إذا كانت هناك ديون مستمرة مثل أقساط شراء عقار. عند وجود التزامات مالية مثل دفع ثمن شقة بالتقسيط، يُفضل توثيق جميع الاتفاقات كتابيًا وتحديد من سيدفع ومتى، مع تسجيل ذلك بشكل رسمي.
كما يجب أن يلتزم الورثة بالقوانين الشرعية والمدنية التي تنظم توريث الديون وتوزيع الأصول، للابتعاد عن الخلافات القانونية التي قد تؤخر استلام الحقوق. فيما يلي بعض النصائح العملية التي تساعد على تحقيق العدالة والاستقرار في هذه المرحلة:
- تحديد قيم الديون والأصول بدقة من خلال خبراء مختصين.
- تقسيم الدفعات المالية بشكل متناسب مع حصص كل وارث.
- إعلام الجهات الرسمية عن وفاة صاحب العقار لتحديث البيانات.
- الاحتفاظ بسجلات واضحة لكل المدفوعات والمستحقات.
- الاستعانة بمستشار قانوني لتوضيح الأحكام الشرعية والقانونية المتعلقة بالورثة والديون.
To Wrap It Up
في ختام هذا المقال، يتضح لنا أن استمرار الورثة في دفع ثمن الشقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها يحمل أبعاداً شرعية وقانونية تلزم الفهم العميق لموقف الدين والقانون معاً. فقد أوضح المفتي بأن الالتزام بسداد الأقساط يُعد من الحقوق والواجبات التي تترتب على الورثة، ما دام العقد قائمًا ولم يتم الاتفاق على غير ذلك بين الأطراف. لذا، من الضروري أن يتحرى الورثة الحذر والتشاور مع أهل العلم والقانون قبل اتخاذ أي قرار، حفاظاً على حقوقهم ومصالحهم، وضماناً لاستقرار معاملاتهم المالية، بما يتوافق مع أحكام الشريعة والقوانين النافذة. بهذا الوعي والرؤية، يمكننا أن نضمن تحقيق العدالة والوضوح في التعامل مع مثل هذه القضايا الحساسة.

