في لحظات الصلاة الخاشعة، ينتقل قلب المصلي بين خشوع القلب وثبات الجسد، وحركة الأصابع أثناء التشهد واحدة من التفاصيل التي يحرص كثيرون على معرفة حكمها بدقة. فما هو حكم تحريك الأصبع في التشهد؟ وهل هناك طريقة صحيحة محددة ينبغي اتباعها لضمان صحة الصلاة وخشوعها؟ في هذا المقال، نغوص في فتوى الإفتاء التي توضح هذا الموضوع، لنقدم لك إجابة واضحة مستندة إلى الدليل الشرعي، تساعدك على أداء صلاتك بخشوع وطمأنينة.
حكم تحريك الأصبع في التشهد بين الفقهاء المختلفين
اختلَّف الفقهاء في مسألة تحريك الإصبع أثناء التشهد، حيث يرى بعضهم أن رفع الإصبع أو تحريكه يُعد سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون علامة على الإقرار بوحدانية الله وشهادة أن لا إله إلا الله. بينما يعتقد جمهور آخر أن رفع الإصبع ثابت في السنة ولا يُشترط تحريكه، بل يكون ثابتاً في موضع واحد طوال التشهد. هذا الخلاف يعكس تنوع المذاهب وكيفية استنباط النصوص من الأحاديث النبوية والآثار المروية، مع اختلاف طرق التلقي والفهم لدى كل مذهب.
يُمكن تلخيص آراء الفقهاء في الجدول التالي لتوضيح الفروقات بشكل مبسط:
| المذهب | رأيهم في تحريك الإصبع | السبب |
|---|---|---|
| الحنفية | رفع الإصبع ثابت بدون تحريك | اتباع أثر ثابت في تشهد النبي |
| المالكية | تحريك الإصبع يميناً ويساراً سنة | يدل على التوحيد والإقرار في الصلاة |
| الشافعية | رفع الإصبع مع حركة بسيطة | مشابهة لما ورد في الأحاديث الصحيحة |
| الحنابلة | تثبيت الإصبع وعدم تحريكه | تقيد بما ورد عن النبي بغير زيادة |
خلاصة الأمر: الأصل هو رفع الإصبع عند التشهد بشهادة التوحيد، سواء بتحريكه أو تركه ثابتاً، وفقاً لما يتبعه المصلّي من مذهبه. وفي جميع الأحوال، يُعتبر ذلك من السنن التي يُستحب الالتزام بها، ولا يُبطل الصلاة ترك تحريك الإصبع أو تثبيته، لأن الأهم هو حضور القلب وخشوعه في الصلاة.

تفصيل الطريقة الصحيحة لتحريك الأصبع عند التشهد
عند أداء التشهد في الصلاة، يجب تحريك الأصبع بطريقة صحيحة تعبر عن ال توجيه القلب نحو الشهادة، وهي رفع الإصبع السبابة عند النطق بعبارة «أشهد أن لا إله إلا الله»، مع التركيز على أن يكون التحريك بسيطًا وواضحًا دون مبالغة أو سرعتها. وللقيام بذلك:
- ابدأ برفع الإصبع السبابة من وضع الاستراحة فوق الفخذ أو الركبة عند بداية ذكر الشهادة.
- أدِّ التحريك بثبات وهدوء، مع تجنّب التلويح أو تحريك الأصبع بشكل مفرط.
- استمر في رفع الإصبع طوال مدة ذكر الشهادة، ثم أعده إلى وضعه الطبيعي.
دمج هذه الخطوات يعكس خشوع المصلي ويؤدي إلى أداء التشهد بما يتوافق مع السُنة النبوية. وينصح دائماً بالمحافظة على توازن الحركة بين الوضوح وعدم الإفراط، معتبرين أن تحريك الأصبع وسيلة تعبير روحية وليس عرضاً ظاهرياً. لذا، يجب أن يكون الهدف من الحركة هو تقوية الخشوع واليقين أثناء الصلاة.
| الخطوة | الوصف |
|---|---|
| الرفع | رفع الإصبع السبابة بهدوء على بداية الشهادة |
| الاستمرارية | ثبات الإصبع طوال مدة قول الشهادة |
| الإعادة | إعادة الإصبع إلى وضعه الطبيعي بعد الانتهاء |

آراء العلماء حول مشروعية تحريك الأصبع ودلالتها
تباينت آراء العلماء في حكم تحريك الأصبع عند التشهد ودلالته، حيث ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار تحريك الأصبع أمرًا مشروعًا يرتبط بإثبات التوحيد، مؤكدين أنه سنّة عن النبي صلى الله عليه وسلم تُظهر إقرارًا بوحدانية الله وتوحيده. في المقابل، رأى آخرون أن الأصل هو رفع الإصبع فقط دون تحريكه، وأن تحريكه غير ثابت نصًا أو سنة مؤكدة. ومن أبرز الأدلة التي استشهد بها المؤيدون لتحريك الإصبع هو الحديث الذي يرويه الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشير بالسبابة عند التشهد.
وفيما يلي تلخيص لآراء العلماء حول هذه المسألة:
- المالكية: يكتفون برفع السبابة دون تحريكها، معتبرين ذلك أصلًا وأقرب إلى السنة.
- الحنفية والشافعية: يرون أن تحريك الإصبع سنة مؤكدة، مستندين إلى ما ثبت عن بعض الصحابة من تحريك السبابة عند التشهد.
- الحنابلة: يعترفون بأن رفع السبابة مشروع، ويجيزون تحريكها أو تركه، ويشددون على أن المعنى هو تأكيد التوحيد لا الشكل الخارجي.
| الطائفة الفقهية | الموقف من تحريك السبابة |
|---|---|
| المالكية | رفع السبابة فقط (عدم التحريك) |
| الحنفية والشافعية | مشروع تحريك السبابة عند التشهد |
| الحنابلة | جواز التحريك أو التركيز على الرفع |

توصيات مهمة لتأدية التشهد بالصورة الشرعية السليمة
الأداء الصحيح للتشهد يعتمد على اتباع السنة النبوية والآثار الموثوقة، حيث يُستحب أن يكون الجلوس هادئًا ومركزًا دون مبالغة في تحريك الأصبع. وقد جاء في سنة النبي ﷺ أن تحريك السبابة يكون بشكل خفيف وغير مبالغ فيه، مع توجيهها إلى جهة القبلة عند قول: «التحيات لله والصلوات».
يُفضل الحفاظ على وضوح النطق وخشوع القلب، فالخشوع في الصلاة والالتزام بالطريقة الشرعية يضاعف الأجر ويُبعد عن البدع والأفعال المكروهة التي قد تشوش على صلاة المصلي.
لتسهيل تطبيق الطريقة السليمة، يمكن اتباع التوصيات التالية:
- تحريك السبابة مرة واحدة فقط في التشهد بشكل بسيط، لا أكثر.
- الحفاظ على الوضعية المستقيمة للجسم وعدم التشنج أثناء الجلوس.
- التركيز على معنى الكلمات والنداء إلى الله بقلوب صادقة.
- تجنب تقليد الأشخاص دون الرجوع إلى الدليل الشرعي الموثوق.
Key Takeaways
في ختام هذا المقال، نؤكد أن تحريك الأصبع في التشهد مسألة فقهية لها أدلة وآراء متعددة، وقد بيّنت فتوى الإفتاء الطريقة الصحيحة والمستحبة لأداء هذه السنّة بما يحقق الخشوع والتركيز في الصلاة. فمن المهم للمسلم أن يتعلم الفقه الصحيح لأركان وسنن الصلاة، حفاظًا على صحتها وقبولها، مع مراعاة اختلاف العلماء واحترام آرائهم. نسأل الله أن يمنّ علينا بالتوفيق والسداد في أداء عباداتنا على الوجه الذي يرضيه عنا، وأن يجعل قيامنا بالصلاة سببًا في رضاه وفتح أبواب رحمته.

