في زمن تتداخل فيه الفنون مع تفاصيل حياتنا اليومية، تثار العديد من التساؤلات الشرعية حول التصرفات التي قد تبدو عادية للبعض، لكنها تحمل أبعاداً دينية أقل وضوحاً. من بين هذه التساؤلات الشائعة: هل تعليق الصور على الحائط حرام أم جائز؟ في هذا المقال، نستعرض فتوى أمين الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، لنوضح الحكم الشرعي لهذا الموضوع، مستندين إلى أدلة شرعية ورؤية معاصرة تساعد القارئ على التفهم واتخاذ القرار المناسب بما يتوافق مع تعاليم ديننا الحنيف.
حكم تعليق الصور في الإسلام بين الشريعة والعرف
في ضوء الفقه الإسلامي، يُنظر إلى تعليق الصور على الجدران من منظور دقيق ومتعدد الجوانب. يفرق العلماء بين الصور التي تحتوي على تماثيل أو صور متحركة للأحياء، والتي يُنظر إليها بحذر شديد لأنها قد تقترب من التشبيه بخلق الله، وبين الصور التي تكون مجرد مناظر طبيعية أو كلمات مكتوبة أو رسومات هندسية. بناءً على ذلك، يرى بعض الفقهاء أن تعليق الصور التي تحتوي على ذوات الأرواح قد يحمل حكم التحريم، خصوصاً إذا كانت تفصيلها دقيق وتطابق الواقع، أما الصور غير الحية فلا محل فيها للحرمة.
من الناحية العرفية، تختلف أعراف المجتمعات والثقافات في مدى تقبل تعليق الصور وأشكالها، مما يؤثر على الحُكم الشرعي عملياً. وفيما يلي جدول يوضح بعض الأمثلة التي تبين الفرق بين نوع الصور وحكم تعليقها حسب الشريعة والعرف:
نوع الصورة | الحكم الشرعي | التأثير العرفي |
---|---|---|
صور الأحياء البشرية المفصلة | مكروه أو محرم حسب التفاصيل | غير مقبولة لدى المحافظين |
صور مناظر طبيعية أو زهور | مباحة | مقبولة عامة |
صور خط عربي أو آيات قرآنية | مستحبة بشرط الاحترام | محترمة ومحفوظة |
الرسوم الهندسية أو الخطوط التجريدية | مباحة | متقبلة في معظم البيئات |
- تجنب الصور التي تحاكي الخلق وذلك للحذر من الوقوع في المحظور.
- الاهتمام بالصور ذات الطابع الديني وعدم تعليقها إلا بما يحفظ قدسيتها.
- الالتزام بالذوق العام والعرف السائد لتجنب الحرج أو النزاعات الأسرية والاجتماعية.
أنواع الصور المباحة والمحرمة في تعليق الحائط
عند الحديث عن الصور المباحة، يلتزم الشرع الإسلامي بعدد من الضوابط التي تحدد أنواع الصور التي يجوز تعليقها في المنزل أو الأماكن العامة. بشكل عام، الصور التي تحتوي على مناظر طبيعية، الزهور، الحيوانات غير المفترسة، والرسومات الهندسية والزخارف الإسلامية تعد من الصور المباحة والمسموح بها لأنها لا تتضمن تصويراً للكائنات الحية بشكل يشبه الواقع أو قد يثير الشبهات. كما أن الصور التي تهدف إلى تزيين الجدران بدون تمثيل للصور الحية تحظى بالقبول عند كثير من العلماء.
أما الصور المحرمة في تعليق الحائط فتشمل بشكل رئيسي تماثيل أو صور البشر والحيوانات التي تظهر بصفات الحياة الواقعية، خاصة إذا كانت مفرودة أو مؤكدة التفاصيل. هذا بالإضافة إلى الصور التي تحمل رموزاً دينية أو ممارسات تتعارض مع عقيدة الإسلام، أو تلك التي توحي بالتشبه بالكفار. ينصح أيضاً بتجنب الصور التي تعلم الغرور أو الرياء، لما في ذلك من أثر سلبي على النفس والمجتمع.
- تصوير الأشخاص بأشكال ثلاثية الأبعاد أو الصور الكرتونية المرسومة بإتقان، قد تثير خلافاً بين العلماء.
- اللوحات الخطية التي تحتوي على آيات قرآنية أو أدعية تعتبر من أفضل الزينة.
- يُستحب الالتزام بالصور التي تعزز القيم الإسلامية وتبعد عن المبالغة في التشبيه أو التقليد المحرّم.
نوع الصورة | حكم التعليق |
---|---|
صور الطبيعة والمناظر غير الحية | مباح |
صور البشر والحيونات بتفاصيل واقعية | محرم |
الزخارف والكتابات القرآنية | مباح ومفضل |
الصور الرمزية والأيقونات الدينية لغير المسلمين | محرّم |
الأدلة الشرعية التي يوردها أمين الفتوى في الرد على التساؤل
استند أمين الفتوى في بيانه إلى عدة أدلة شرعية تمسك بالكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ
(النحل: 94)،مبرزًا أن رسم الصور التي تمثل خلق الله يشبه في التحريم ما قد يؤدي إلى شرك أو تعظيم مخلوق بدلاً من الخالق. كما ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون
(رواه البخاري ومسلم)، الذي يوضح حرمة تصوير الكائنات الحية لما فيه تأليه أو محاكاة خلق الله.
وفي توضيح أكثر مفصلًا، استعرض الفتوى بعض النقاط المفصلية كالآتي:
- الفرق بين الصور الفوتوغرافية والرسوم اليدوية: حيث أشار إلى جواز الصور الفوتوغرافية لعدم تدخل الإنسان في رسم الكائن الحي.
- الصور الزخرفية والنقوش غير التمثيلية: تعتبر جائزة لأنها لا تصور نفساً أو جسماً حياً بشكل مباشر.
- قصد الاستخدام ونية المشاهد: حيث يُراعى فيها هل كان القصد للتزين وحسن المنظر فقط دون تعظيم الصورة.
نوع الصور | حكم التعليق | السبب الرئيسي |
---|---|---|
الرسوم اليدوية للكائنات الحية | مكروه/حرام | تشبيه بخلق الله وتحريم التصوير |
الصور الفوتوغرافية | جائز | عدم تدخل الإنسان في الرسم |
الزخارف والنقوش الهندسية | مباح | عدم وجود تمثيل للكائنات الحية |
نصائح عملية للمسلمين حول تعليق الصور والتقيد بالضوابط الشرعية
ينبغي على المسلمين أن يراعوا الضوابط الشرعية عند تعليق الصور في منازلهم أو أماكن عملهم، حيث أن الإسلام يحث على تجنب التشبّه بما يخالف العقيدة أو يحمل معانٍ محرمة. من المهم التأكد من أن الصور المُعلقة لا تتضمن تماثيل أو صوراً لذوات الأرواح بشكل دقيق أو مبتكر، وهذا تجنّباً لما قد يُعد من رسم الأرواح أو تشبيهها، وهو أمر نُهي عنه في السنة النبوية. كما يستحسن اختيار الصور التي لا تروج للغرور أو الفخر بالمظاهر، بل تكون محتشمة وبعيدة عن التضخيم الجمالي المفرط.
للاستفادة بشكل عملي، يمكن للمسلمين اتباع هذه الإرشادات:
- اختيار الصور التي تحمل معاني إيجابية: كالمناظر الطبيعية أو الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية.
- تجنب الصور التي تخل بالحياء أو تتعارض مع الآداب الإسلامية.
- التأكد من خلو الصور من تجسيد ذوات الأرواح بصورة واقعية أو تماثيل.
- التركيز على ما يعزز القيم الأخلاقية والتربوية داخل الأسرة.
نوع الصور | حكم التعليق | ملاحظات |
---|---|---|
المناظر الطبيعية | مسموح | تحفّز على التأمل في خلق الله |
صور الأشخاص الحيّة | مكروه أو ممنوع | قد تثير قضايا التشبيه وتحريم تصوير الأرواح |
الآيات القرآنية | مستحب | تنشر البركة وتذكر دائماً بتعاليم الإسلام |
الرسومات الكرتونية | مرحب بها مع وضوح أنها غير حقيقية | تستخدم لتربية الأطفال بشكل إيجابي |
To Wrap It Up
في ختام هذه الجولة الفكرية حول حكم تعليق الصور على الحائط، نجد أن الفتوى تأتي لتوضح الحدود الشرعية التي تحترمها تعاليم الدين، مع التأكيد على أن الهدف هو تحفيز الإنسان على الالتزام بما يرضي الله عز وجل دون تعصب أو تحجر. وفي ظل تعدد الآراء وتنوع الثقافات، يظل الحوار المفتوح والواعي هو السبيل الأمثل لفهم الدين بتوازن ومحبة. فلتكن الصورة التي تختارها على جدار بيتك، ليست مجرد شكل زخرفي، بل تعبيرًا عن روحك ووعيك الذي ينبع من قيمك ومبادئك الراسخة.