في قلب محافظة الجيزة، وتحديدًا في أحد الأحياء التي ظلت تعج بالقصص والتفاصيل الخفية، كشفت وزارة الداخلية عن ما أطلقته «الثقب الأسود» للتسول، كهفاً مظلماً حجبَ وراءه شبكة معقدة من الظواهر الاجتماعية والظلامية. تحت عنوان «وكر للتسول»، يرصد هذا التحقيق ما اكتشفته الأجهزة الأمنية داخل هذا المكان الذي تحول إلى مركز لتنظيم النشاطات غير القانونية، ليكشف عن أبعاد مختلفة لقضية التسول التي تشغل المجتمع بأساليبها وأسرارها المجهولة. فما هي تفاصيل هذا الوكر؟ وماذا وجدت «الداخلية» بداخله؟ تلك هي المحاور التي سنتناولها في هذا العرض المتعمق.
وكر التسول في الجيزة بين الواقع والمخاطر الأمنية
في قلب منطقة الجيزة، اكتشفت الأجهزة الأمنية «وكرًا» غير تقليدي للتسول، يُعرف بـ«الثقب الأسود» نظرًا لما يحويه من أنشطة مشبوهة تزيد من طفح ظاهرة التسول وتؤثر سلبًا على الأمن العام. هذا المكان لم يكن مجرد ملتقى للفقراء والمحتاجين بل تحول إلى مركز لتنظيم عمليات التسول بقواعد صارمة، تُحكم إدارة حركة «العاملين» فيه بحنكة ومهارات تلاعبية. فكانت الداخلية أمام مهمة صعبة لا تتعلق فقط بتفكيك شبكة التسول، وإنما بكشف الشبكات الإجرامية التي تستغل الأطفال والنساء في استغلالات متنوعة تتعدى مجرد التسول.
القضية لا تتعلق فقط بظاهرة اجتماعية، بل تمتد لمخاطر أمنية متعددة، حيث يتضح من خلال التحقيقات أن بعض هذه الأوكار تستخدم كواجهات لعمليات تتعلق بتهريب المخدرات والسرقات، بل وحوادث الاعتداء على المارة والأمنيين. المناهج الأمنية الحالية تعتمد على:
- توقيف منظمي الشبكة وإحالتهم للعدالة.
- إعادة تأهيل ضحايا التسول نفسياً واجتماعياً.
- تعزيز الدوريات الأمنية في المناطق الساخنة في الجيزة.
- التعاون مع الجهات الاجتماعية لوضع حلول مستدامة.
أسرار الثقب الأسود ودور الأجهزة الأمنية في الكشف
في قلب منطقة الجيزة الهادئة، تمكنت الأجهزة الأمنية من كشف حقيقة تُشبه الأفلام البوليسية، حيث اكتشفت «الثقب الأسود» الذي كان بمثابة وكر للتسول والإحتيال على المواطنين. هذه البؤرة، التي ظنها البعض مجرد مكان مهجور، كانت في الواقع مركزاً رئيسياً لتنظيم نشاطات مشبوهة تهدف إلى استغلال حالة الفقر والضعف الاجتماعي. ركزت الداخلية جهودها على جمع معلومات استخباراتية دقيقة، مما ساعد على إحكام القبضة على المتورطين، واجتثاث هذه الشبكة الخطيرة التي أثرت على حياة العشرات.
الأجهزة الأمنية لم تكتف بالاعتقال فقط، بل اعتمدت على خطة شاملة شملت:
- تكثيف المراقبة والتفتيش المستمر للمناطق المشبوهة.
- استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع حركة الشبكة.
- التعاون مع الجهات الاجتماعية لإعادة تأهيل المتضررين.
- توعية المجتمع عن مخاطر التسول المنظم وكيفية مواجهته.
وبهذا الجهد المتواصل، نجحت الداخلية في تحويل منطقة «الثقب الأسود» من بؤرة لخطر اجتماعي إلى منطقة آمنة تحت مراقبة مستمرة، مما يؤكد الدور الحيوي للأجهزة الأمنية في حماية المجتمع من الظواهر السلبية.
الظروف الاجتماعية التي تغذي ظاهرة التسول في المنطقة
تلعب الظروف الاجتماعية دورًا حيويًا في تكوين بيئة تُغذي انتشار ظاهرة التسول في بعض مناطق الجيزة. من العوامل الأساسية التي يتم ملاحظتها هي الفقر المزمن الذي يعاني منه كثير من الأسر، مما يدفع بها إلى الاعتماد على التسول كمصدر أساسي للدخل. كما أن ضعف التعليم وغياب فرص العمل الحقيقية يؤديان إلى تفشي هذه الظاهرة، حيث تجد العائلات نفسها مجبرة على دفع أطفالها إلى الشوارع في محاولة لتحصيل لقمة العيش. بالإضافة إلى ذلك، يعزز التسرب المدرسي من إزدياد هذه المشكلة، لأن الأطفال الذين يتركون التعليم يفتقرون إلى المهارات التي تتيح لهم فرص عمل بديلة.
تتضافر عوامل أخرى تجعل من بيئة التسول منطقة خصبة، مثل:
- تفكك الروابط الأسرية والأزمات الأسرية التي تؤدي إلى هروب الأطفال من المنازل.
- غياب الرقابة المجتمعية وتأثير المجتمعات العشوائية التي تساعد على استمرار الظاهرة.
- تسيُّب القوانين وعدم وجود آليات فعالة لمعالجة المشكلة بشكل جذري.
توضح الدراسات الاجتماعية أن معالجة ظاهرة التسول لا تقتصر فقط على المكافحة الأمنية بل تحتاج إلى تدخل شامل يتضمن الدعم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، إلى جانب تحديث البنية التحتية للمناطق المتضررة، وذلك لخلق بيئة مستدامة تحمي الأجيال القادمة من الوقوع في فخ هذه الظاهرة.
توصيات لتعزيز السياسات الوقائية ومكافحة التسول بفعالية
تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة ظاهرة التسول يتطلب تبني استراتيجيات متكاملة تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. تكثيف التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني يساعد في تعزيز الرقابة على المناطق المكشوفة التي يتجمع فيها المتسولون، مع توفير الدعم اللازم للتأهيل المهني والاندماج الاجتماعي لمن هم في حاجة فعلاً. كما يجب أن تكون هناك حملات توعية مستمرة تركز على رفض التسول وتشجيع تقديم المساعدات بطرق منظمة.
من ناحية أخرى، تبرز أهمية استخدام التكنولوجيا في تتبع الشبكات المنظمة للتسول التي تستغل الضعفاء لتحقيق أرباح غير مشروعة. إنشاء قاعدة بيانات مركزية لمتابعة الحالات وإجراء دراسات دورية يوفر فهمًا أعمق للأسباب ويحسن من فعالية التدخلات. يمكن اعتماد الإجراءات التالية كأدوات مساندة:
- تعزيز دور الدوريات الأمنية في المناطق الساخنة بالتزامن مع تقديم بدائل تعليمية واجتماعية.
- توفير مراكز إيواء مؤقتة مع خدمات صحية ونفسية للمتسولين المحتاجين.
- إطلاق برامج تدريبية تستهدف الفئات العمرية الصغيرة لمنع انتقال التسول إلى الأجيال القادمة.
The Way Forward
في ختام هذه الجولة داخل «الثقب الأسود» للجيزة، تبقى حقائق «وكر التسول» شاهدةً على حجم التحديات التي تواجهها أجهزة الأمن في مكافحة الظواهر السلبية التي تستنزف نسيج المجتمع. وما كشفت عنه الداخلية ليس سوى جزء من الصورة الكبرى التي تتطلب تكاتف الجميع من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني، لتكون البداية نحو حلول جذرية تحمي كرامة الإنسان وتعيد الأمن إلى الشوارع. فبينما تواصل الأجهزة المعنية جهودها، يبقى الدور الحقيقي في تغيير الواقع ميدانيًا وإجتماعيًا، لنقل قصة «الثقب الأسود» من حالته المظلمة إلى فجر من الأمل والتغيير.